تحرّش الشواذ وخطر المنحرفين يلاحق المتمدرسين في عقر مدارسهم
رعب في المدارس.. وتلاميذ تحت الصدمة
ندّدت جمعيات أولياء التلاميذ ونقابات التربية بالاعتداءات الأخيرة التي تعرّض لها تلاميذ ابتدائية بباب الوادي، إثر إقدام حارس المدرسة على التحرش جنسيا بالمتمدرسين، وبعملية اقتحام غرباء ثانوية بدرارية واحتجاز تلميذات، والظاهرة، حسبهم، تستدعي دق ناقوس الخطر، لأنه سبق لهم المطالبة بحماية المدرسة من العنف الخارجي والداخلي.
في الموضوع، استغرب رئيس الفدرالية الوطنية لأولياء التلاميذ، علي بن زينة، في اتصال مع "الشروق"، معايير انتقاء بعض حراس المدارس، حيث تحولت عملية توظيفهم إلى ما يشبه "السّوسيال" أو التضامن، وحسبه "كل بطال يعاني المشاكل الاجتماعية والعُقد والأمراض، وخريج سجون لا بد أن يعمل حارسا؟؟"
ويضيف: "منذ سنة ونصف ونحن نتحدث عن ظاهرة الاعتداء على التلاميذ، خاصة بعد تعرّض تلميذة تدرس في قسم الثانية متوسط بإكمالية ببرج الكيفان لاعتداء جنسي من طرف حارس مؤسسة انتهت بحملها.. لكن لا حياة لمن تنادي"، متسائلا عن سبب عدم إخضاع الحراس وأعوان الأمن العاملين بالمؤسسات بصفة عامة وبالمدارس خصوصا لتكوين نفسي وجسدي قبل مباشرة مهامهم، باعتبارهم أهم عنصر في المؤسسة التربوية.
وحسب بن زينة، فإنه يستحيل منطقيا وضع رجال شرطة أمام كل مؤسسة تربوية، "إذ يلزمنا لذلك أكثر من 25 ألف شرطي"، وموضوع العنف، يقول، يحتاج إلى قرارات صارمة. وتطرق محدثنا إلى نقطة أخرى متعلقة بنقص عدد المشرفين التربويين، إذ نجد في مؤسسة تضم 900 تلميذ مشرفيْن فقط، وهو ما يعرقل عملية تنظيم التلاميذ وحراستهم. واقترح محدثنا توظيف أكبر عدد من المشرفين التربويين بعقود ما قبل التشغيل، وحبذا لو يكونون من الذكور أصحاء البنية وليس من البنات.
وأوضح المتحدث: "النساء يتخوّفن حتى من التّهديدات اللفظية من بعض التلاميذ والغرباء، فما بالك بالتهديد بسلاح أبيض". وطالب محدثنا برفع عقوبة المعتدين على التلاميذ داخل المدارس حتى 10 أو 20 سنة سجنا نافذا. وبدوره، اعتبر الأمين العام لاتحادية مستخدمي قطاع التربية، بلعموري لغليّظ، أن غياب رجال شرطة أمام بعض المؤسّسات التربويّة، يخلق نوعا من الارتياح النفسي لدى المجرمين فيرتكبون اعتداءاتهم.
من جهة أخرى، تمنى محدثنا عدم تهويل هذه الاعتداءات إعلاميا، حتى لا ينتبه إليها ضعفاء النفوس، ولتفادي تشويه صورة المؤسسات التربوية ما دامت الظاهرة غير منتشرة على نطاق واسع. أما المكلف بالتنظيم على مستوى النقابة الوطنية لعمال التربية "الأسانتيو"، قويدر يحياوي، فأكد لـ "الشروق"، أن نقابتهم تحدثت عشية الدخول المدرسي عن مشكل نقص الحراس والإداريين ببعض المؤسسات التربوية الجديدة، ما يهدد بحدوث اعتداءات وتخريب. واعتبر محدثنا أن توظيف أعوان أمن بالابتدائيات الذي تشرف عليه البلديات، أصبح يخضع لمنطق "الإدماج الاجتماعي" أين يتم توظيف خريجي السجون وبعض المشبوهين، وهو ما جعله يطالب بإجراء تحقيق قبلي إداري على شخصية الحراس أو عون الأمن، فيما يتحمل مديرو المدارس المسؤولية الكبرى في ذلك.
لجنة تحقيق تحل بمدرسة أبي ذر الغفاري بعد الاعتداء على تلاميذها
الوالي المنتدب لباب الوادي يشهر سيف الحجاج في وجه حراس الابتدائيات
تعهد الوالي المنتدب لمقاطعة باب الوادي بالعاصمة، قنفاف حمانة، بمحاربة كل حراس المؤسسات الابتدائية الذين يثبت في حقهم غياب روح المسؤولية أثناء أداء مهامهم أو الإخلال بالنظام العام للمؤسسة، مطمئنا أولياء التلاميذ بألا تكون حادثة مستقبلا مماثلة لتلك التي شهدتها مؤخرا مدرسة أبي ذر الغفاري، مشيرا إلى أن كل ملفات الحراس ستدرس حالة بحالة للتفريق بين الصالح والطالح، مؤكدا اتخاذ إجراءات أمنية صارمة بالابتدائيات. أما عن مرتكب الفعل المخل بالحياء، فأكد أنه تم القبض عليه وستتخذ العدالة قرارات في حقه.
وقال حمانة، في اجتماع ضم أمس كلا من مسؤولي الأمن، مديري الابتدائيات للمقاطعة، مير باب الوادي، جمعية حماية الأحداث ورئيس نقابة الأئمة، في حين غابت عن الجلسة جمعية أولياء التلاميذ، إن الحادثة التي شهدتها مدرسة أبي ذر الغفاري لن تتكرر مستقبلا، مشيرا إلى أن لجنة تحقيق من مديرية التربية تكون قد حطت اليوم بها لدراسة الأوضاع بعدما قام هو شخصيا بزيارة المدرسة ومعاينتها سابقا، مذكرا بأن المدرسة هيئة تابعة للدولة ولابد أن تكون في مستوى آمال الأولياء لا سيما في الجانب الأمني كون المدرسة تعتبر المنزل الثاني للتلميذ. واسترسل المتحدث بنبرة شديدة اللهجة قائلا: "لا أحب كثرة الكلام من دون فائدة.. أريد العمل على أرض الواقع"، داعيا الأميار إلى متابعة ملفات حراس المدارس بشكل جدي.
من جهته، أكد عثمان حسبان، "مير" بلدية باب الوادي، أنه تم دراسة كامل ملفات حراس ابتدائيات مقاطعته، داعيا الأولياء إلى التبليغ في حالة اكتشاف أي خروقات أو شكوك تحوم حول شخص معين، مؤكدا أن المتهم لم تثبت بعد إدانته وفي حالة ثبوتها سنطالب بأقصى العقوبة.
حجيمي رئيس نقابة الأئمة: لابد من معالجة الجرح في أوانه قبل تعفنه
قال جلول حجيمي، رئيس نقابة الأئمة، الذي كان من بين الأعضاء المدعوين إلى الاجتماع، إن ما عاشته مدرسة أبي ذر الغفاري يمكن أن تحدث في كل بقاع العالم، لكن الأخطر أنها تحدث في مجتمع مسلم والأكثر من ذلك في حي شعبي. وحمل الجميع المسؤولية في ذلك،
منوها بضرورة تطوير إنماء المجتمع المدني الذي تعتبره الدول المتحضرة المجتمع الفاعل وأن مثل هذه القضايا لا يسكت عنها لكن بأسلوب حضاري تطبيقي حتى نصل إلى نتائج عملية بتفعيل كل الفاعلين من جمعيات أولياء التلاميذ وغيرهم. وشدد على ألا نجعل منها نقطة توتر المجتمع، ففي المجتمعات المتوترة في العالم، حسبه، ترجع إلى أسباب بسيطة تكون أحيانا شجارات عشائرية وغيرها.. مطالبا في الأخير بضرورة معالجة الجرح في أوانه قبل أن يتعفن ويصعب استئصاله.
جمعية حماية الأحداث: الحادثة فعل فردي ولا وجود لاعتداء جنسي
من جهته، نفى سيد علي لعبادي، رئيس جمعية حماية الأحداث من الانحراف والاندماج في المجتمع لولاية الجزائر، أن تكون الحادثة قد تعدت إلى غاية اعتداء جنسي. وهذا ما تفنده الكشوفات الطبية، مؤكدا أن الفاعل إنسان مريض نفسيا، وأن الحادثة لا تمثل إلا فعلا فرديا سيعاقب عليه الفاعل بعد ثبوت التهم والاستماع إلى تصريحات التلاميذ من طرف قاضي الأحداث لتسليط العقوبة التي يستحقها، التي تكون في غالب الأحيان في حالة ثبوت الفعل المخل بالحياء في مثل هذه الحالة من 5 سنوات فما فوق، مطالبا في الوقت نفسه بضرورة تشغيل حراس يملكون كفاءة أو على الأقل آباء في سن معينة، ناضجين ولديهم حس الأبوة.