هوس الأولياء بالنقاط ساهم في حدة المأساة
"حوت" المعدلات يهدّد التلاميذ وأطراف تحذّر من الضغط والترهيب
شكّلت المعدلات الدراسية مع نهاية الفصل الدراسي الأول من هذا الموسم هاجسا حقيقيا لدى الكثير، خاصة في ظل انتشار الضغط والترهيب الذي يمارسه الكثير من الأولياء على أبنائهم، في حال الحصول على معدلات دراسية متواضعة، ما تسبب في لجوء بعض الأطفال إلى الاختفاء أو الإقدام على الانتحار هروبا من التهديد العائلي.
دق الكثير ناقوس الخطر بعد انتشار ظاهرة الانتحار والهروب من المنازل، بسبب ما اصطلح عليه لدى البعض بـ"حوت المعدلات"، حيث وضع تلميذ من عنابة حدا لحياته، وهو في سن 14 من العمر، خوفا من العقاب من نتائجه الدراسية الضعيفة، في الوقت الذي عرفت عديد ولايات الوطن اختفاء عدد معتبر من التلاميذ عن منازلهم العائلية هروبا من العقاب والتهديد والوعيد، آخرهم تلميذ من نواحي البليدة، وهو الأمر الذي شكل هاجسا كبيرا لدى المتتبعين للشأن التربوي، في ظل الممارسات التي بات يتعرض لها التلاميذ، من طرف أوليائهم، دون مراعاة وضعيتهم النفسية والاجتماعية ومستوى تحصيلهم الدراسي، وهي الظاهرة التي باتت تتكرر بشكل مخيف خلال السنوات الأخيرة، ما جعل ظاهرة اختفاء وانتحار التلاميذ تعرف منحى خطيرا، بناء على الأرقام التي أفصحت عنها مصالح الأمن، خاصة ما يتعلق بتلاميذ الابتدائي والمتوسط، في سيناريوهات رهيبة، اختلفت بين القفز من شرفات المنازل أو الشنق بالحبال والأسلاك الحديدية أو إضرام النار أو تناول كمية كبيرة من الأقراص التي تؤدي بهم إلى الموت، في حين يقع آخرون ضحايا بين أيادي المنحرفين بسبب تفضيلهم خيار الاختفاء واللجوء إلى الشارع، بحجة الهروب من العقاب العائلي.
ويؤكد الأستاذ عيسى بلخباط من متوسطة تيمقاد بباتنة، على مشكل غياب ثقافة المرافقة والتوجيه عند كثير من الأولياء، ناهيك عن اللجوء إلى الضغط اعتقادا منهم بأنه أسلوب يدفع أبناءهم إلى نتائج أفضل، إلى أنه في حقيقة الأمر حسب محدثنا فقد يكون ذلك الضغط عاملا سلبيا تترتب عنه نتائج عكسية، فالمطلوب من الأولياء حسب الأستاذ عيسى بلخباط هو معرفة نقاط القوة لتثمينها ونقاط الضعف في نتائج أبنائهم لمعالجتها في الوقت المناسب. وفي السياق ذاته، يؤكد الدكتور عمار شوشان، أستاذ علم النفس وعلوم التربية بجامعة باتنة بأن لهذه الظاهرة أسبابا يقف وراءها الأولياء، بسبب قلة الوعي وحب التفاخر والرغبة في تحقيق ما لم يستطيعوا هم تحقيقه، ناهيك عن الخوف الزائد من المستقبل، وكذا ضعف التواصل والتوقعات المبالغ فيها، معتبرا بأن هذه التصرفات تعد من أهم أسباب هذه الأفعال المشينة وغير التربوية التي تؤدي إلى عواقب وخيمة في العاجل والآجل.
وخلص بعض المتتبعين بأن الكثير من الأولياء يعانون من هوس النقاط والمعدلات العالية، سواء بالتباهي والتفاخر أو بالتوبيخ والشتم والتجريح، حيث أجمع الكثير منهم على ضرورة تحرير العقول من العلامة والمعدل، لأنها ليست معيارا كاملا للحكم على القدرات الحقيقية للتلميذ، ما يفرض حسبهم وقفات ايجابية من الناحية النفسية والتعليمية.