العالم والجاهل

العالم والجاهل

صاحب رجل أحد العلماء في رحلة
فبادره العالم بالسؤال أثناء الطريق:
هل عندك سلم؟!
أجاب الرجل باستغراب: كلا؛
فتساءل الرجل في نفسه:
فما حاجة هذا العالم إلى السلم في هذه الصحراء القاحلة؟.
وبعد أن قطعا مسافة من الطريق وصلا إلى مزرعة
فابتدره العالم بالسؤال: هل أكل أصحاب هذه المزرعة ما زرعوه أم لم يأكلوه؟!
فأضمر الرجل في نفسه، أن هذا سؤال غريب والأغرب منه سائله.. ألا يرى هذا النبات لايصلح إلا كعشب للحيوانات.
فنظر إلى العالم شزراً وهو يقول في نفسه: حقاً لقد تورطت في هذه السفرة مع رجل غير سوي!
وهكذا واصلا طريقهما حتى اقتربا من القرية، فشاهدا جنارة يحملها مشيعّون، فشيّعا الجنازة معهم وحضرا مراسم الدفن وقراءة الفاتحة على روحه وبينما كان يرجعان من المقبرة ألقى العالم هذه المرة سؤالاً على صاحبه أكثر عجباً:
هل الذي شيعناه ميت أم حي؟!
وهنا لم يتحمل الرجل اسئلة صاحبه، فالتفت إليه قائلاً.. هل أنت مجنون؟ ألم نشيعه ونحضر دفنه ونقرأ الفاتحة على روحه؟ ما هذا السؤال الغريب؟!

سكت العالم وقد طأطأ رأسه، فدخلا المدينة التي يسكنها الرجل.. إلتفت إليه العالم وقال: إني غريب في هذه المدينة ولا أعرف أحداً، فهل ترغب بأن تحصل على الثواب وتستضيفني ولن أمكث كثيراً:
لم يكن أمام الرجل إلا أن يتحلى بالصبر على هذا البلاء، فأخذه إلى بيته وأرشده إلى حجرة الضيافة ثم دخل على أهله.
سألته إبنته: ماذا جلبت لنا من هدايا السفر؟،

فأجابها الأب قائلاً:جلبت معي عالماً جاهلاً!،
قالت البنت: كيف عرفته جاهلاً إذا كان عالماً؟،
فقال: عرفته من أسألته التي سألني إياها في الطريق!
سألت: وما تلك الأسئلة يا أبي؟
فعدد لها تلك الأسئلة الغريبة...
وزاد إستغرابه لما قالت له إبنته: إنها أسئلة رجل حكيم! وانك لم تدرك مغزاها فظننتها أسئلة طائشة وأنه رجل جاهل!
وفي الوقت الذي كان فيه الأب مستغرقاً في التفكير كان في أشد الشوق إلى معرفة الحقيقة وفك اللغز العجيب الذي كاد أن يسلبه عقله وهكذا أخذ الأب يصغي إلى إبنته وهي تشرح له كلام العالم، فقالت:

ان مقصوده من السلم هو القصص الجميلة لأنها سلم الطريق وتسليته،
والزرع هل أكله أصحابه أم لا؟ يقصد هل أصحاب الزرع غرسوا زرعهم من مال إقترضوه أم من حرّ مالهم؟ فإذا كانوا قد اقترضوا له فإنه ليس لهم فيه نصيب إذ عليهم تسديد القرض، وإذا غرسوه من دون إقتراض فهذا يعني إنهم سوف يأكلون حصادهم ولن يشاركهم في فائدته أحد،
وعن الميت هل هو ميت أم حي؟ فيقصد بذلك هل أن للميت أولاد صالحون أم لا؟ لأن الإنسان عندما يموت يبقى حياً بأولاده الصالحين، وينتهي ذكره إن لم يكن له ولد صالح يدعو له،
وعاد الرجل إلى ضيفه الحكيم وهو يعتذر منه سوء الظن وأخذ يجيبه عن أسئلته.
لكن العالم الحكيم قال: ليست هذه إجاباتك، أظنها من غيرك!
قال الرجل: نعم إنها من إبنتي، ففرح العالم، لأنه عثر على ضالته، فلم يمهل الرجل حتى صارحه قائلاً: إنني أبحث عن مثل هذه الفتاة منذ أمد بعيد... وأنني أطلب يدها منك، فرضي الرجل به زوجاً لإبنته كما رضيت به كفؤاً لها.

[img][/img]

شكرا شكرا