معلمون يدقون ناقوس الخطر ويصرحون:
نجتر الدروس القديمة في غياب الكتب المدرسية وبوادر أزمة في الأفق
معاناة كبيرة، شجارات وملاسنات وإرهاق.. هي يوميات أولياء تلاميذ وجدوا أنفسهم يتذكرون طوابير الخبز والحليب، خلال الشهر الفضيل، لكن هذه المرة الهدف هو الكتب المدرسية التي غابت من المكتبات والمحلات المتخصصة، فما كان أمام الأولياء سوى تكبد عناء طوابير لا متناهية لعل وعسى يتمكنون من الحصول على ما يرغبون، لكن هيهات فالمهمة صعبة جدا.
يصل أولياء أمام مركز الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، بحي البدر بوهران، مع الساعات الأولى للصباح وكلهم عزم على الظفر بكتب مدرسية يهدونها إلى أطفالهم الذين يعانون الأمرين في غياب الكتب بالأقسام. وهو ما يجعلهم عرضة لملاحظات شديدة من طرف معلميهم، غير أن الطوابير الطويلة التي تدوم لساعات تحت الشمس المحرقة، أدت إلى وقوع شجارات وملاسنات بين المواطنين وبعض مسؤولي التوزيع الذين وجهت إليهم تهم التماطل وتعمد الفوضى، في حين هناك من يتهمهم باستغلال المنصب لتمرير كوطات إلى المكتبات الخاصة والبازارات وأحيانا إلى المعارف.. وهي النقطة التي تندلع بسببها شجارات طاحنة في الكثير من المرات، كما وجد أحد الأولياء طريقة ذكية للحصول على الكتب من خلال نسخها على طريقة الطلبة الذين ينسخون المقررات الدراسية على شكل كتب في انتظار ظهور الكتب الرسمية.
من جهته، تساءل أحد الأولياء عن سبب هذه الفوضى التي صارت ترافق كل دخول مدرسي جديد، وهو إن دل على شيء إنما يدل على فقدان الوزارة زمام الأمور وتخبطها في فوضى عارمة، والنتيجة ضريبة ثقيلة يسددها الأولياء وأبناؤهم، ما سيؤثر لا محالة على السير الحسن للدراسة، يقول المتحدث. من جهة أخرى، ذكر ولي تلميذ أن البزنسة فعلت فعلتها حين كان الناس يستمتعون بالعطلة الصيفية حيث كانت تمرر أطنان من الكتب المدرسية إلى الخواص، بدليل أن هناك الكثير من الأسر اقتنت الكتب في شهر أوت، وحين حان الدخول المدرسي وقع العجز، بسبب المضاربة، ما يستدعي تدخل الوصاية لردع المخالفين ومعاقبة المتحايلين.
مواطن آخر، قال بلهجة السخط: "وجدنا أنفسنا بين مطرقة الندرة وسندان المعلمين الذين باتوا يهددون أبناءنا بالعقاب في حال لم يحضروا الكتب المدرسية.. فأين المفر؟ يقول المتحدث.
بالموازاة مع ذلك، أكدت معلمة رفضت الكشف عن هويتها خشية المتابعة، أن الدروس مجمدة إلى إشعار آخر بسبب غياب الكتب، لأن السواد الأعظم من التلاميذ لم يتمكنوا من إحضار الكتب المدرسية وهو ما يجعلنا نتخبط في الفوضى والتماطل قبل الانطلاق الرسمي للدراسة، ونقضي ساعات الدرس في اجترار ما مضى من الدروس السابقة والمراجعات وهو ما ستكون عواقبه وخيمة على التحصيل التعليمي.