الابداع في المدرسةلإدارة المدرسية ورعاية الإبداع:
من شروط تنمية الإبداع أن توفر المدرسة لطلابها ومعلميها بيئة تتقبل الإبداع، وتؤمن بأهميته ودوره في التميز الحضاري، وأول مواصفات هذه البيئة أن يؤمن المدير بأن معلميه وطلابه قادرون على أن يبدعوا، وأن يبتكروا حلولا للصعوبات التي تواجههم في أعمالهم، وأن يعطي معلميه صلاحيات للعمل على تحقيق أهدافهم حسب المتغيرات التي تطرأ، مع وجود تواصل مع الإدارة؛ لتكون على علم بما سيقومون به.
وينبغي للمدير المدرسي الذي يرعى الإبداع أن لا يكون أسير التعليمات، وإنما يتصرف وفق ما يرى أن فيه مصلحة مدرسته. ومن المقترحات التي يمكن أن تساعده في جهوده ما يأتي:
- أن يولي أفكار المشرفين التربويين والمعلمين والطلاب الاهتمام الكامل، فيدرسها بعناية، ويعمل على تطبيق الصالح منها، وعلى تكريم صاحب الفكر المستنير ماديا ومعنويا ؛ليعزز أداءه ، ويشعره بأنه يقدر عمله، وبهذا يدفعه إلى المزيد من الإبداع.
- العمل على تغيير الأنظمة والقواعد والتعليمات التي تعيق عملية الإبداع، وكذلك تغيير الأفكار التقليدية التي تعشش في عقول بعض المعلمين، والأخذ بأيديهم بعيدا عن الأساليب التقليدية في العمل.
- العمل على أن يمتلك التلميذ المبدع معارف وخبرات عميقة وموسعة، واكتسابه لمهارات متنوعة وقدرات خلاقة مُخطط لها من قبل واضعي المنهاج ، ليستطيع التفاعل مع قضايا الحياة بنجاح، ومواجهة الصعوبات التي قد تعترض طريقه.
مجالات تنمية الإبداع:
هناك العديد من الأساليب التي تستخدم في تشجيع المبدعين والأخذ بأيديهم منها:
أ- إنشاء الجمعيات والمؤسسات المؤهلة لتربية الذكاء ورعاية الإبداع ،كما هو الحال في اليابان حيث يوجد أكثر من أربعمائة جمعية لتربية الذكاء من أبرزها الجمعية العلمية لتربية الذكاء، والجمعية العالمية لتربية الذكاء وتتولى هذه الجمعية مهمة الإشراف على مراكز رعاية المبدعين في اليابان من خلال إعداد منهاج خاص وطرائـق تدريس عصرية، ويقـوم بالتدريس فيها معلمون من ذوي الكفاءة العالية والمنتقون بعناية، ثم يجري تدريبهم في معهد خاص تابع للجمعية الملكية لتنفيذ هذه المهمة، وتحقيق هذه الغاية وفق معايير صارمة.
ب- أسلوب المباريات العلمية. حيث يتم تحديد موضوعات البحث أو العمل، وتطرح كمسابقة يخصص لها جوائز سنية، تقدم لأفضل الاختراعات أو البحوث التي تشارك في المسابقة. ويستخدم هذا الأسلوب في ألمانيـا على نطـاق واسـع ،وكذلك في روسيا يوجد ما يسمى بالأولمبيادات العلمية التي تُطرح على هيئة مسابقات، ويشرف على تنظيمها لجنة من وزارتي التربية والتعليم العالي ومؤسسات شعبية أخرى، وتطرح هذه الأولمبيادات مجموعة من المشكلات المتدرجة التي يتطلب حلها خبرات واسعة وفكر مستنير، وتدعو التلاميذ للمشاركة في حلها خلال أيام معدودة ، حيث يخرج الخاسر بينما يواصل الفائزون محاولاتهم لحل المشاكل الأكثر تعقيداً.
جـ_ إقامة معارض يعرض فيها المبدعون أعمالهم ومخترعاتهم، والإشادة بهم أمام زملائهم وذويهم وفي وسائل الإعلام.
د- تأسيس نوادي علمية خاصة بالمبدعين يقضون فيها أوقات الفراغ، ويمارسون فيها هوايات سامية كالشطرنج والبرمجة تحت إشراف اختصاصيين في رعاية الإبداع. كما تقام لهؤلاء مخيمات يقضون فيها جانباً من عطلاتهم، ويمارسون فيها ألعاباً رياضية.
هـ- إشراك التلاميذ المبدعين في مجموعة من الأنشطة والفعاليات ذات المستوى الرفيع، وتتسم بالعمق و الاتساع والتنوع، وتنفذ هذه النشطة بأسلوب الفريق الواحد، أو توزع على المبدعين لتنفيذها فرادى تحت إشراف معلم خبير برعاية الإبداع، مما يكسب الفرد المبدع قدرات خلاقة، تعزز استقلاليته في تنفيذ المهام الصعبة ومواجهة المشكلات وإيجاد حلول مناسبة لها.
و- تنظيم دروس اختيارية ذات محتوى واسع وعميق، يقبل عليها التلاميذ المبدعون لإشباع ميولهم وتنمية قدراتهم الإبداعية، وتمهد لهم الطريق لتحديد مهنة المستقبل.
ز- أسلوب الإشراف المنتوري. ويقوم هذا الأسلوب على بناء علاقات شخصية وثيقة بين المعلم المتميز المعد لرعاية الإبداع والتلميذ المبدع، وبالتالي توظيف أسلوب الرعاية الأكثر ملائمة لحالته، ويستخدم هذا الأسلوب عادة قبيل أسلوب المباريات العلمية.
ط- أسلوب البرامج الإثرائية.
يهدف هذا الأسلوب إلى ترغيب التلاميذ المبدعين بمدرستهم من أجل أن تقدم لهم الموضوعات الأكثر عمقاً وشمولية، والتي لا يستطيعون الحصول عليها في الصفوف العادية، ويراعى أن تكون هذه الموضوعات متممة ورافدة لمحتوى المادة الدراسية المقررة على الصفوف العادية، وتقام في أوقات بعد الظهر أو أيام العطل الرسمية أو في خلال الإجازة الصيفية.
ي- أسلوب الصفوف الموازية. يستخدم هذا الأسلوب على نطاق واسع في ألمانيا، ويهدف إلى تزويد التلميذ المبدع، عبر منهاج خاص وطرائق تدريس عصرية وتقنيات متطورة، بقدر من المعارف التي تمكنه من دراسة المشكلات بعمق وموضوعية، وفي هذا الأسلوب توفير للوقت وللمال. ونظراً لأن أعداد التلاميذ المبدعين محدودة في كل مدرسة، فإنه يمكن فتح صفوف موازية في مدرسة واحدة في كل مدينة، ليلتحق بها التلاميذ المبدعـون من المدارس الأخرى.
ك- أسلوب المنح الدراسية. وهذا الأسلوب مستخدم على نطاق واسع في العالم، وفي كثير من الأقطار العربية، حيث تقدم منح دراسية للطلاب المبدعين لإتمام دراستهم الجامعية على نفقة الحكومة أو غيرها من المؤسسات العلمية أو الاجتماعية أو الخيرية.
ل- إصدار مجلة خاصة بالإبداع تقدم لهم كل جديد ونتقبل أفكارهم ومشاركاتهم.
فإذا استطاعت المدرسة أن تفتح هذه المجالات، وأن تهيء الظروف الملائمة لرعاية الطلاب المبدعين، وتوظيف أساليب تعليم التفكير المتجددة، والتقنيات المتطورة، ووسائل التقويم المُعدّة بعناية ، فإنها تكون بذلك قد قامت بدورها التربوي على أكمل وجه.
منقول للفائدة